عمدت الإدارة الأمريكية ومن خلال اجتماع عقده مجلس الشيوخ الأمريكي ، لجنة العلاقات الخارجية للترويج لهذا الاجتماع بما يحمله من عناوين تؤكد رغبة قادة البيت الأبيض بكسر حالة الجمود التي اتبعتها ادارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بعد فشل الادارات السابقة بإحداث أي تغيير في سلوك القيادة السورية لناحية تموضعها في تحالفاتها الاقليمية والدولية ، بعد مضي اكثر من ١١ عاما من الحرب الكونية عليها .وعلى الرغم من تنوع الأدوات والأساليب التي اتبعتها واشنطن في حربها ضد الدولة السورية وشعبها الا ان اجتماعات كهذه تؤكد فشل قادة البيت الابيض في تحقيق بنك الاهداف التي دخلت لأجلها واشنطن في حرب دموية طاحنة في سورية ليبقى أمن الكيان الصهيوني الإشكالية الأساسية التي فشلت أمريكا في تحقيقها .
وليس أدل من ذلك عودة امريكا واسرائيل الى اللعب بالخرائط التي استقر عليها الوضع في سورية بعد سلسلة من الهزائم التي منيت بها أدواتها من جماعات إرهابية وما يعرف بقوات المعارضة السورية التي أدت الى حل معظم منصاتها في الخارج .ولتأتي جلسة الاجتماع هذه لتشي بالكثير من التساؤلات للمشاركين التي تعكس حالة عدم الرضى عن استراتيجية واشنطن في سورية والتي تعكس تباعا حالة الفشل خلال اكثر من عقد من الزمن وان كانت قد حققت في بداية الحرب انتصارا لناحية خروج مساحات واسعة من الجغرافية السورية عن سيطرة الحكومة السورية التي استطاعت وبدعم الحلفاء تحريرها وتكريس واقع جديد يخالف تطلعات القيادات الأمنية الأمريكية والاسرائيلية .
فقد دفع هذا الامر القيادات ألامنية والسياسية والعسكرية ألامريكية لإعادة تسليط الضوء على أهداف الاستراتيجية الأمريكية حيال سورية وكيفية تحقيق المصالح الأمريكية فيها والمطالبة بوضع شروط مناسبة للخروج منها. وهذه التصريحات كان قد سبقها حراك أمريكي عبرت عنه قوى اقليمية تنضوي تحت المشروع الأمريكي في المنطقة والتحركات المشبوهة للقوى الارهابية على الحدود السورية الاردنية واستهداف عناصر الجيش العربي السوري عبر تفجيرات واغتيالات تؤكد رغبة واشنطن بالعودة الى المربع الأول في مشروعها ضد سورية عبر اشعال المنطقة الجنوبية التي كانت قد استقرت بشكل جزئي عبر التسويات والمصالحات.
وتحاول واشنطن التمسك بالورقة الانسانية واستغلال الواقع الصعب الذي يعيشه الشعب السوري في محاولة منها لمسح الأدمغة وكأنها ليست رأس الأفعى في هذه المعاناة التي يعيشها السوريون منذ عدة سنوات ، عبر دعم الارهاب وتدمير البنى التحتية وسرقة الموارد الأساسية للمواطن السوري بالاضافة للعقوبات الاقتصادية التي حولت حياة الشعب السوري الى ما هي عليه الآن .وان جملة من التناقضات عبر عنها المشاركون في جلسة مجلس الشيوخ الامريكي عبر عنها قولهم الحرص على مناطق خفض التصعيد بينما الحراك الامريكي على ارض الواقع يقول بغير ذلك .
وان الادعاءات الامريكية التي تطالب بإيصال المساعدات الانسانية وتمديد فترة دخولها عبر المعابر الغير شرعية والتي تسيطر عليها الجماعات الارهابية ، يقابلها تشديد الحصار ومضاعفة العقوبات وقانون قيصر .والاهم فيما يكشف ضمن الاستراتيجية الامريكية والجديد فيها هو الدور الاردني الذي عاد الى الواجهة بتورطه في استهداف سورية عبر أراضيه ولن نتفاجئ لو سمعنا عن عودة غرف العمليات للاستخبارات الامريكية الغربية الاسرائيلية التي تدعم وتغطي تحركات العصابات الارهابية على الحدود السورية الاردنية وفي هذا توجه امريكي اسرائيلي وجدناه في عودة التفجيرات واستهداف الجيش العربي السوري مؤخرا .
وهذا يؤكد ان امريكا لم تغير استراتيجيتها في سورية بل عملت على تكريس ما بنته سابقا ضمن استراتيجية عدائية تستهدف سورية بكل اشكال الاستهداف ليبقى أهم هدف ضمن هذه الاستراتيجية هو حماية اسرائيل والحفاظ على تفوقها.وفي أهم شواهده هو الغطاء الأمريكي لكيان العدو الاسرائيلي في اعتداءاته وعدوانه المستمر على سوريا، ولذلك يظل الحديث والمطلب الامريكي منحصر في تواجد ايران وحلفاء سورية في الاراضي السورية الذي يرون فيه التهديد الاكبر والاخطر والاستراتيجي على امن وسلامة الكيان الاسرائيلي ، وهذا يؤكد ايضا ان أي تغير في الاستراتيجية الامريكية لو حصل لن يخرج عن نطاق تحقيق الهدف الأول والأساس وهو حماية أمن الكيان الصهيوني ومساعدته على البقاء متفوقا في منطقة الشرق الأوسط التي حدث فيها متغيرات لم تستطع امريكا نفسها إنكارها .