اللقاء المرتقب بين بن سلمان وبايدن.. صفقة أم ردّ صفعة؟!

للكاتب ريم عثمان

على قاعدة “إما معنا أو ضدنا” أعلنت روسيا قبل أكثر من أربعة أشهر حربها على أوكرانيا فسارعت الدول إلى تسجيل مواقفها بالــ مع أو الضد , منذ الأيام الأولى للحرب ,ولطالما كان سلاح النفط والغاز هو السلاح الروسي الأمضى الذي أشهرته موسكو في وجه الولايات المتحدة والغرب منذ بدايات الحرب ,كان لابد من تسليط الضوء على مواقف الدول المعنية ,والمقصود تلك التي يمكن أن تسد الفراغ الروسي كمصدر رئيس للطاقة إلى أوروبا وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ,التي أعلنت تأييد روسيا الاتحادية في حربها على أوكرانيا وطمأن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان موسكو بتمسك بلاده باتفاق تحالف (أوبك بلس) حول كميات إنتاج النفط .

وبناءا على ذلك اجرى الرئيس الأمريكي جو بايدن اتصالا بالعاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز وطلب إليه زيادة إنتاج المملكة من النفط لإغراق الأسواق العالمية كخطوة لتخفيض الأسعار وإخراج الاقتصادين الأمريكي والأوروبي من أزمتهما وتعويض أي نقص في الإمدادات النفطية نتيجة فرض العقوبات على النفط الروسي.ولاشك أن هذا الموقف السعودي كان بمثابة تحد واضح لواشنطن إذ اقتنص ولي العهد الفرصة للي ذراع بايدن ,الذي وضع العلاقات الأمريكية السعودية في قالب من جليد منذ دخوله البيت الأبيض ,وأصرّ على موقفه بعدم الاتصال مع بن سلمان على خلفية اتهامه المباشر له بالمشاركة في جريمة قتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي .

لكن اليوم وبعد أن أغلقت روسيا صنبور شركة غاز بروم عملاق الطاقة الروسية الذي يغذي أوروبا بنحو 40 بالمئة من احتياجاتها, ارتفعت أسعار النفط العالمي وبات التضخم شبحا يخيّم على اقتصادات أمريكا وأوروبا, فهل تفيد المكابرة بايدن؟ بالطبع لا ,لأن المكابرة تعني دخول السعودية في التحالف الذي تبنيه روسيا مؤخرا مع الصين ودول بريكس لمواجهة حلف الناتو ,والمكابرة أيضا تعني مواصلة ارتفاع أسعار معظم السلع الغذائية في الداخل الأمريكي الأمر الذي لاشك سيؤثر سلبا على فرص الحزب الديمقراطي في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس المقررة في الخريف المقبل.

لذا لامناص أمام بايدن إلاّ التنازل وخطب ودّ بن سلمان لسحب البساط من تحت قدم روسيا والصين وإعادته إلى الضفة الأمريكية علّه ينقذ ما يمكن إنقاذه .فإذا بايدن يدخل الرياض من موقع ضعف وليس قوّة على عكس سلفه دونالد ترامب الذي دخلها دخول السلاطين وأخذ منها الجزية مقابل الحماية ,وقال جملته الشهيرة وقتها  “إذا كانت السعودية التي تدرّ مليار دولار كل يوم من النفط تحتاج إلى مساعدتنا وحمايتنا، فإن عليهم أن يدفعوا ثمنا كبيرا. لا فطائر مجانية”.لكن السعودية اليوم هي من ستقول “لا فطائر مجانية” أو بالأحرى لا نفط مجاني ,فزمن الخوف الذي خلقته إدارة ترامب ومن سبقها قد ولّى.والتوتر بين السعودية وايران بدء يخفت من خلال استئناف الحراك الدبلوماسي الذي تلعبه بغداد كوسيط لتقريب وجهات النظر بين طهران والرياض بهدف الوصول إلى مفاوضات مباشرة تنهي حقبة من الخلافات وصولا إلى تطبيع العلاقات بين البلدين .

وفي نفس الوقت يتم الإعلان عن جولة جديدة من مفاوضات الملف النووي الإيراني ,وهذه المرة على أراضي دولة خليجية (قطر) بعد إعلان واشنطن  تعثر مفاوضات فيينا في آذار /مارس الماضي بعد أن رفعت طهران سقف شروطها وطالبت برفع الحرس الثوري عن قائمة الإرهاب . وبالتزامن أيضا تخرج حكومة الإمارات العربية ببيان علني وصريح تؤكد فيه أنها ” ليست طرفا في أي تحالف عسكري إقليمي أو تعاون يستهدف أي دولة بعينها. ” والمقصود إيران بطبيعة الحال, ردّا على ما تشيع “إسرائيل” عن نيتها تشكيل “تحالف دفاع جوي” مع شركاء إقليميين لم تحددهم بهدف ردع إيران.

فقد بات واضحا ما تريد واشنطن من الرياض ,وهو التحكم بصنبور وسعر النفط السعودي الذي بات بمثابة القشة التي ستنقذ اقتصادات كل من أوروبا وأمريكا ,الغريقين في بحر قرارات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وتداعيات حربه على أوكرانيا, كذلك إضعاف جبهة حلف روسيا – الصين قبل أن يشتدّ عوده ويقوى على حلف الناتو . لكن بالمقابل ما الذي دفع بن سلمان إلى التراجع على عجل بعد أن خطا خطوة على الطريق الصحيح مع روسيا وتعهد لها بعدم التخلي عن تحالف (أوبك بلس) ؟ ربما, هي الحرية باهظة الثمن ؟ فـ بن سلمان عاش عزلة أشبه بسجن بعد أن وجهت إليه أصابع الاتهام بالإيعاز لقتل الصحفي خاشقجي .

مقالات ذات صلة