انتصار روسي ميداني يليه حسم انتخابي لصالح انضمام الجمهوريات الاربعة

للكاتب عمار براهمية

روسيا تنتصر ميدانيا وتحسم امر انضمام اقاليم مهمة باستفتاء انتخابي، وهي بذلك تطوي ملفا تاريخيا وتنهي اضطهاد مواطنيها الذين عانوا كثيرا تحت حكم معاد لوجودهم ومناقض لأصلهم بتزايد الاطماع الغربية ضد استقرار وطنهم، انها لحظات تاريخية تنتشي فيها روسيا العظمى انتصاراتها المستحقة رغم بهتان عالم لم يتحرر بعد من ظلم قواه الرافضة لحق التطور لغيرها ويمنع نهضة الشعوب الأخرى.

فهذه تمثل  فرصة للاعتزاز بالنسبة لكفاح روسيا وكل القوى الحية في العالم من الدول التي ترفض الهيمنة الغربية وتقاوم لصالح بقاء شعوبها حرة وتدافع لاجل نظام عالمي أكثر توازنا يسوده العدل ويعمه السلام،فلماذا يرفض الغرب انتخابات انضمام جمهوريات لوغانسك ودونيتسك وخيرسون وزاباروجيا، رغم أن نفس الغرب قد صدع المجتمعات لعقود بشماعة الانتخابات في مختلف أنحاء العالم خصوصا التي توجهات دولها لا تتماشى مع الهيمنة الغربية، والتي لها ثروات النفط والغاز فحينها ستكون تحت قصف طائرات حلف الناتو؟ ولماذا يراوغ نفس الغرب ضد حق العالم في توازن دولي عادل؟ والمؤكد ان الرغبة الغربية في الهيمنة هي العقبة الاساسية التي تحول دون حق العالم باسره في الحرية والسلام.

أما الجمهوريات الاربعة: لوغانسك ودونيتسك وخيرسون وزاباروجيا، التي انضمت رسميا لروسيا الاتحادية فهي لم تكن لتوقع مراسيم الانضمام الا بعد استفتاء بالانتخاب الحر والنزيه، فلماذا لا يحتفل دعاة الديموقراطية والعمليات الانتخابية بهذه الحرية المستحقة؟ ام ان فشل الغرب في صراعه ضد التعددية القطبية هو المانع الوحيد ضد توجهات روسيا المنتصرة،أما تبعات ذلك على العالم عموما واوروبا بالتحديد فمن الأرجح ان تكون لهذه التطورات انعكاسات كبيرة على جميع الأصعدة، خاصة ما تعلق بموازين القوى العسكرية والاقتصادية باعتبار ما للجمهوريات الأربعة المنظمة لروسيا الاتحادية من موقع استراتيجي ومن ثروات اقتصادية.

 والاهم ان هذه الاقاليم اصبحت خنجرا في عمق النفوذ الغربي المتراجع شرق اوروبا، كما ان نقاط التفاوض المستقبلي ستتغير ايضا عما كانت عليه قبل اتفاقية مينسك، لان مفاصل اوروبا وشرايينها ستخضع عاجلا غير آجل لواقع حتمي مفاده ان القرار الاوروبي لن يستمر في الخضوع للتوجهات الأمريكية ( قد تشهد اوروبا موجة احتجاجات تتبعها سقوط حكومات موالية للغرب وعودة التجاذب الاوروبي لعهد الصراعات البينية والاختلافات المبنية على المصالح كما كانت ايام الحروب العالمية ولو بشكل مختلف )، ما سيؤثر على الوضع العالمي في مختلف المجالات، سواءً تعلق الأمر بموازين القوة السياسية او الاقتصادية وخاصة العسكرية.

 والبداية من هذا كله هو  أين ستتمركز قوات الردع الاستراتيجي الروسية على حدودها الجديدة مع اوكرانيا .فتمركز قوات الردع الروسية  ستجعل الغرب في ترقب لساعة الصفر المضبوطة بتوقيت روسيا بمنطلقاتها الداخلية وبحساباتها الجيوستراتيجية ( خاصة ما تعلق باستخدام اسلحة الردع النووي في وجه اي عمل معادي او تقدم لحلف الناتو نحو الحدود الروسية )،ليضاف للوضع المعقد اصلا تأثيرات أخرى سلبية سببها الجوهري تعنت القوى الغربية واصرارها على إمداد اوكرانيا بالاسلحة بشكل متزايد أكثر حتى من رغبة الاوكرانيين انفسهم .

فالاكرانيين ملوا من هذه الحرب التي تدور رحاها ضد استقرار بلادهم ولصالح رهانات الهيمنة الغربية.والى حين انتفاض الشعب الاوكراني ضد اغراق الغرب لبلادهم في دوامة تصفية الحسابات العالمية سيبقى الصراع مفتوحا على مصرعيه لتتضاعف المخاطر وتتراجع معها الاوضاع الاقتصادية خاصة في اوروبا، وفي ذلك دلالات قوية على نجاح التوجهات الروسية التي كانت مستعدة أكثر من أي وقت مضى لصالح مكانتها المستحقة ولصالح عالم يسوده الاستقرار والامن المتوازن والعادل.

مقالات ذات صلة