حماية ثروات الشعوب ونهب أمريكا لها.. استراتيجية مقابل استراتيجية؟ 

للكاتب حسناء نصر الحسين

طالما شكل ملف الطاقة عنصرا هاما لدى السياسات الخارجية الأمريكية فمنذ وقت مبكر ومنذ اكتشاف النفط في منطقة الشرق الأوسط خاصة في المملكة العربية السعودية ودور الشركات النفطية الامريكية في التنقيب عن النفط في المملكة ، وجدت واشنطن ضالتها التي تبحث عنها لأمنها وأمن الدول الغربية التي اخذت على عاتقها واشنطن منذ الحرب العالمية الثانية مهمة رعايتها ودعمها وتأمين مصادر الطاقة لهذه الدول .وان كان الاقتصاد هو الاساس في العلاقات الدولية الا ان التداخل والتشابك في هذه العلاقات التي أقرتها الضرورات الدولية جعل من توسع طبيعة هذه العلاقات امر حتمي وضروري لتدخل مجالات اخرى مثل تفعيل العلاقات السياسية والاجتماعية والثقافية الى جانب العامل الاقتصادي الذي يعتبر اساس هذه العلاقات

وهذا التشابك في المصالح الامريكية مع معظم دول الشرق الاوسط العائمة على بحيرات نفطية وغازية وثروات اخرى والواقع السياسي الغير مستقل في هذه الدول جعل مهمة السيطرة الامريكية  على هذه الثروات امرا سهل المنال .فقد فكانت الطاقة قبل عقود عديدة مضت اهم العناوين التي بنت عليها واشنطن استراتيجيتها الخارجية لناحية توسيع نفوذها وهيمنتها على هذه المنطقة الغنية بالطاقة وجعل جحافل قواتها تعسكر في الممرات المائية وبالقرب من منابع الطاقة عبر قواعدها العسكرية المنتشرة في المنطقة .

لتبقى الطاقة وتأمينها هي العنصر الاكثر حيوية لدى واشنطن والغرب والعالم بشكل عام ، الا ان امريكا تختلف عن بقية الدول بأعمالها العدائية وشنها الحروب والعدوان على الدول لسرقة هذه الطاقة بدلا من شرائها وما حربها على العراق الا لسرقة ما يمتلكه من طاقة وهو ما شكل احد اهم بنك الأهداف الامريكية من غزوها للعراق .ومع ما تعانيه الدول الغربية اليوم من ازمة طاقة لم تشهد لها مثيل من عدة عقود تستمر واشنطن بسرقة الثروات في وطننا العربي ففي الشمال السوري قوافل الثروة النفطية تسرق بشكل يومي في الوقت الذي يعاني فيه الشعب السوري الأمرين بسبب فقدانه لهذه الثروة الاستراتيجية .

واليوم مع كل ما يشهده العالم من متغيرات واضطرابات سياسية واقتصادية واجتماعية والتي يعود سببها لأزمة الطاقة العالمية اثر الحرب الروسية  – الاطلسية اصبح العالم متعطشا للحصول على الطاقة للحفاظ على البقاء .ومن اهم هذه المتغيرات التي حصلت في هذا الملف ان يصبح امن الطاقة وحمايتها ومنع المحتل من سرقتها العنوان الأكبر لمرحلة جديدة من تاريخ الصراع مع أمريكا والغرب  والكيان الصهيوني  وادواتهم في المنطقة وهذا ما رأيناه في ملف ترسيم الحدود البحرية اللبنانية مع فلسطين المحتلة وكيف توجه سلاح المقاومة لحماية هذا الحق اللبناني ونجح في حماية حقوقه .

والآن مع هذا الحدث الكبير الآتي من اليمن حيث استطاع الجيش اليمني من رسم الخطوط الحمر لجعل أمن الطاقة اليمني بمثابة الأمن الوطني لليمن بكله عندما اجبر الجيش اليمني سفينة النفط الآتية لسرقة ثروته النفطية على التراجع وهذه رسالة تحذيرية لقوى العدوان على اليمن بأن اليد التي ستمتد على ثروات شعبنا ستقطع وفي هذا تحول كبير لناحية قدرة الجيش اليمني بما يمتلكه من سلاح دفاعي ردعي وهجومي يستطيع ان يقلب الطاولة على الغزاة ويجعل عملية تحرير هذه الثروات من هذا النهب الامريكي قادمة لا محالة .وان كانت العقيدة الامريكية الجديدة حملت في احد اهم بنودها حماية الممرات المائية ، تواجهها عقيدة لقوى المقاومة ممراتنا نحن نحميها وثرواتنا ملك لنا وحقنا الذي سنحميه بقوتنا .

وفي الخلاصة يأتي السؤال المحوري والذي يشكل احد اهم اسباب الاحتلال الامريكي الغربي لأوطاننا المتمثل في  الطاقة، لنشهد تحولا كبيرا في التعامل مع استراتيجية النهب والسرقة الامريكية لثرواتنا عبر استراتيجية مواجهة حقيقية لحماية الثروات وفي مقدمها الثروة النفطية والغازية، فهل ستؤدي استراتيجية المقاومة الجديدة المتمثلة بحماية الطاقة الى التخلص من الهيمنة الامريكية ومن بعدها طرد امريكا من المنطقة ؟

مقالات ذات صلة