اغتيال سليماني والمهندس.. التنفيذ.. الأسباب.. النتائج

يوسف السعدي

ربما يكون اختيار اسم “اغتيال القرن” هو أنسب وصف لعملية تصفية قادة النصر، وهذا يوضح الاستعدادات العالية  من خلال، عملية التخطيط وأدوات ومكان التنفيذ.فقد بينت معلومات مسربة بأن طائرة امريكية، لم تفارق سماء منزل  الشهيد المهندس، قبل الاغتيال بثلاثة أيام، وفي ظهر اليوم الذي سبق الاغتيال، كانت هناك مناورات قتالية لمروحيات السفارة، استنادا الى المجال الجوي المخصص لطائرات الاستطلاع الأمريكية، لذلك لم تتم محاسبة المتحكم الجوي بمسارات الطائرات وبالخصوص الطائرات الحربية الامريكية بنوعيها المسير او غيره ، لأن الاتفاق لمجال الطائرات كلها بيدهم، بيد ان أمريكا لا تعترف بالقرارات العراقية مهما كانت ومعلوم ان الطيران الحربي فوق المطارات المدنية ممنوع دوليا.

 مع ذلك قامت تنفيذ ذلك الخرق، بيد انها امريكا اخترقت المجال قبل الاغتيال بيوم ايضا بثلاث طائرات، واستمر تحليق الطائرات من  الساعة الحادية عشر صباح لليوم السابق. وتؤكد  المعلومات الأمريكية بأن  الهدف مؤكد لهم ليس من العراق، فانتظروا وصوله بعد مع ان  المخابرات الامريكية علمت بأن شخصية المهندس قد وصلت الى مطار بغداد الدولي لاستقبال الهدف المنشود فكانت الاوامر بالتنفيذ.ورغم سيطرتهم التامة على الأجواء، بدون عوائق او حسيب،  لم يتم استهداف سليماني وهو في الأجواء السورية ، كونه سيستفز الروس، و كان يمكن لروسيا أن تعيق تلك العملية بتقنياتها المتطورة او تحذر سليماني.

 وان  الطائرات التي استخدمت بالعملية لا تستخدم بالعمليات الاعتيادية بل  تستخدم في الحالات المهمة ناهيك انها تجسسية وبمعدات متطورة تستخدم  لعمليات الاغتيال الدقيق والنوعي، و في اللحظات الاولى بعد الاستهداف  بثت قناة فوكس نيوز الداعمة لترامب صور حصرية للعملية.ولدى أمريكا معلومات أن من قادة عمليات دحر تلك المجاميع الارهابية التي صنعتها ودربتها المخابرات الامريكية وخسرت عليها اموالا طائلة، فأن المهندس هو من قاد عمليات  دحرها ، و خاصة بعد أحداث السفارة الأمريكية، حيث كانت أضواء ليزر السفارة تتبع المهندس أثناء التظاهرات أمامها، لأنه كان صاحب الفضل في انسحاب المتظاهرين.

 الشهيدان وقفا في وجه اهداف امريكا ، وهم يشكلون خط المقاومة ، وهم وقفوا بوجه مشروع تقسيم العراق، ووجود القائد الايراني،  احدث تغييرا بالمنطقة وتأثيره الكبير السياسي والعسكري كان حجر عثرة، فسبب لهم حرجا بسبب إفشال المشاريع الأمريكية، في سوريا واليمن، كونهم يشكلون خطرا محدقا على الكيان الإسرائيلي.وتوقعوا ان استهداف القادة أمر يسير لن يسبب ردة فعل بسبب حملات التشويه، التي تقودها الماكنة الاعلامية التي جيشوها و اعتقدوا أنها شوهت صورة الحشد وجردته من حاضنته الشعبية، وَوحدة خط المقاومة، و بسبب الحملات الإعلامية ضد سليماني بالخصوص، توقعوا انه ستحدث احتفالات بقتلهم، وقد صرح بومبيو بذلك نفس الليلة، أنهم كانوا يتوقعون سيحدث في السفارة كما حدث، في السفارة الامريكية في طهران غداة انتصار الثورة الايرانية.

ولم تبذل امريكا جهودا في إخفاء تورطها بالجريمة، بل تباهت بها لذلك اعلنه ترامب بنفسه، لكنهم تفاجئوا بإعداد المشيعين ، وبحضور رئيس الوزراء، وقرار البرلمان بخروجهم، لذلك كان ترامب في موقف صعب عند استشهاد القادة.ولم تكن تخطر على بال امريكا، انها جمعت شعبي العراق وإيران، وجعلت شعب ايران محصن اكثر ضد امريكا، ورفعت القادة الى مكانة بطولية أكثر مما كانا عليه اصلا، وربما لم تظهر العواقب كلها الى الان، فمقتلهم لم يأتي لصالح القتلة، ومعروف بأن هدف أمريكا عدم حدوث توحد بين الشعبين، وليس الشرق الاوسط فقط، لكن  الدم خلق اتحاد قوي بين الشعبين، وعلاقتهم أصبحت عميقة ومميزة.

السياسي الفرنسي تاليران، بعدما أخبروه بمقتل خصم سياسي، قال انها اسوء من جريمة، بل خطأ فادح، لأنها ستكون لها نتائج عكسية، و ردود أفعال بشعة، و كانوا يتصورون أن نتيجة اغتيال القادة، هو تعزيز قوة داعش والقاعدة القتلة المتطرفين ومن خلفهم إسرائيل كانت من ضمن الفريق المشارك في الاغتيال، الدماء التي سالت دماء امة بكل صدقها وحقيقتها ووفائها، وان نتنياهو اراد حرب مع إيران يخوضها الخليج او امريكا، من اجل الحفاظ على بقاء الكيان الهش،  لكن إيران تمارس سياسة الموت البطيء في الشرق الأوسط مع إسرائيل و أمريكا.لكن كل ذلك لن ينفع وما كان بعد اغتيال القرن، سيكون شرارة لنكبة القرن ضد أمريكا وأتباعها وقادم الأيام حبلى بالمفاجآت..

مقالات ذات صلة