رئيسي في سورية…توقيت ورهان سياسي اقتصادي

للكاتب خيام الزعبي

أثبتت سورية للعالم أنها وطن لا يعرف المستحيل شاءوا أم أبوا، والصفعة الكبرى كانت في  زيارة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي لدمشق مليئة بالتحدي ومواجهة أعداء الوطن في الداخل والخارج. كانت رسالة جديدة لكل من يعنيهم الأمر، تقول ان سورية تمضي نحو الأمن والإستقرار والإزهار الاقتصادي، وأنها طوت صفحة الفوضي إلى غير رجعة، وأمام هذا الإصرارهناك حالة أعادت للنفس آمالاً عريضة بان الغد سيكون مشرقاً وإن ما جرى خلال تلك السنوات وما سيجري ولربما لسنوات إخرى إنما هو غيمة سوداء لابد لها ان تنجلي ولابد ان تشرق الشمس على وطننا الكبير “سورية”.

حيث لم تقطع طهران علاقاتها الدبلوماسية والسياسية بسورية طيلة سنوات الأزمة، ولم تغلق سفارتها في دمشق مطلقاً،  كون أن العلاقات السورية الإيرانية ترتكز على أسس راسخة وقوية تعمقت أواصرها من خلال الاهتمام المشترك بين الجانبين لإعادة الأمن والاستقرار إلى المنطقة وإنجاح مسار الحل السياسي في سورية. ولا شك أن زيارة رئيسي تتزامن مع مساعي الدول العربية للتقارب مع سورية ومحاولة حل السياسية في سورية من خلال مبادرات عربية جديدة، كان آخرها اجتماع عمّان في الأردن الذي شارك به وزراء خارجية مصر والأردن والعراق والسعودية والنظام السوري.

وعلى الرغم من أن الاعتبارات السياسية هي المحرك الرئيسي لسياسة إيران تجاه سورية، غير أن المصالح الاقتصادية باتت تلعب دورا أكبر من أي وقت مضى، فبعد أن دمرت الحرب قسماً كبيراً من البنية التحتية والقطاعات الإنتاجية السورية، قامت إيران، وبخلاف بقية دول المنطقة، بإبرام الكثير من اتفاقيات التعاون والعقود الاقتصادية مع الحكومة السورية من اجل إعادة تشييد تلك القطاعات والعمل على تمتين العلاقات السورية الإيرانية وربما يعود ذلك للسياسة التي تنتهجها كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل في منطقة الشرق الأوسط، كون أن سورية و إيران هما العائق والسد المنيع ضد تحقيق خارطة الشرق الأوسط الجديد ، و بذلك فان الكثير من الأحداث و الوقائع برهنت على هذه العلاقة إلى حد ما  على إنها أكثر ثباتاً و استمراراً من أي علاقة أخرى بين دول المنطقة.

واليوم يوجد بين سورية و ايران علاقة  قوية جعلتها تختلف عن غيرها من علاقات ايران بالدول العربية الأخرى، سيسهم في تعزيز العلاقات التجارية بينهما، وتنمية الاستيراد والتصدير. كما أكد الرئيس الإيراني أن بلاده ستقف إلى جانب سورية في مرحلة إعادة الإعمار وستكون شريكة لها وتقدم كل إمكاناتها لإعادة البناء حتى تعود سورية أفضل مما كانت عليه قبل الأزمة، وأن كل ما في بلاده سيكون مسخراً للأشقاء في سورية الذين امتزجت دماء ابنائنا بدماء أبنائهم، نظراً لوجود رغبة مشتركة بين شعبي وقيادتي البلدين في تمتين العلاقات التجارية والاقتصادية.

كما تبقى عين إيران على مرحلة ما بعد الحرب، وتحديداً على عملية إعادة الإعمار، حيث يوجد حالياً ملايين المنازل والمنشآت والبنى التحتية المدمرة في سورية،  وسوف تكون إيران مستعدة بدورها، للعب دور كبير في عملية إعادة الاعمار، وهي التي تصنف كأكبر منتج للأسمنت والحديد في منطقة الشرق الأوسط. وفي هذا السياق تعد العلاقات السورية- الإيرانية  ذات طبيعة خاصة، نظرا لأهمية المصالح الاقتصادية التي تعد إحدى مرتكزات السياسة الخارجية الإيرانية تجاه سورية قياساً بالمسائل الأخرى نظراً لحاجتها إلى شركاء اقتصاديين وأسواق تجارية وفرص استثمارية، كما كان للحضور الإيراني في ملف الأزمة السورية الأثر الكبير في إحداث التحولات الكبرى في مسارات الأزمة وفي دعم الدولة السورية في الحرب على الإرهاب.

فقد شكلت الأزمة السورية بالمجمل  نقطة تحول في العلاقات التجارية والاقتصادية بين سورية وإيران، فمنذ الأيام الأولى لبدء الأزمة أعلنت إيران وقوفها إلى جانب سورية قيادة وشعبا، فإيران لم ينكفئ دورها ولم يقل دعمها لسورية بالمطلق، بل زاد عن ما كان عليه الحال سابقاً، والمتابع لتحركات وزير الخارجية الإيراني في المنطقة، وسفره إلى عدة إقليمية وغربية وتصريحاته الأخيرة يدرك تماماً أن التنسيق قائم على قدم وساق بين دمشق وطهران، وأن الهدف هو إفشال المشروع الأمريكي في المنطقة بعد أن تراجع قدرة البيت الأبيض عن فرض إرادته بالقوة على دول وشعوب الشرق الأوسط.

مقالات ذات صلة