شغل حضور الرئيس السوري بشار الأسد للقمة العربية في جدة الأوساط السياسية والإعلامية لكبار المسؤولين والصحف الأمريكية الغربية والإسرائيلية فهذه القوى التي تعبت بهندسة مشروع دمار منطقة الشرق الأوسط ترى في مشهدية حضور الرجل الذي تحدى الإملاءات الأمريكية منذ غزو العراق وعندما كانت القوات الامريكية على حدود بلاده وانتصر في جولة كانت علامة فارقة من تاريخ منطقة الشرق الاوسط لينتصر مرة أخرى في التصدي وإفشال مشروع الشرق الاوسط الكبير ليأتي ويعلن انتصاره بالقرب من القواعد الأمريكية المتبقية في الخليج دون أدنى حسابات في عقلية الأسد لهذا التواجد وهو الذي هدد بالاغتيال من قبل هذه القوات وعلى لسان رئيس الولايات المتحدة الأمريكية السابق ترامب .
وهذه الصورة الخارجة من أروقة الاجتماعات الثنائية للرئيس الأسد قبل انعقاد القمة وخلالها وهذا الدخول الهادئ لرجل خاض حرب الأعوام العشر السوداء وما تلاها من خطوات امريكية ساعية لتحقيق الحد الأدنى من مشروعها على الجغرافية السورية تديره من منطقة ال 55 كم من قاعدة التنف وهي تعلم بأن هذا التواجد سينتهي مهما طال أمد احتلالها لتعيش مراحل القلق من قائد لا يعلم لغة الخضوع والاستسلام .فقد اطلقت عدة تصريحات أمريكية عدة تعبر عن الهزيمة الأمريكية وعن تراجع نفوذها في منطقة الشرق الأوسط وهذا موجود في العناوين وليس بين السطور فمنهم من صرح بضرورة فرض عقوبات على الدول المطبعة مع الأسد ومنهم من ذهب ليطمئن نفسه ومرؤوسيه بأن حضور الاسد لا يعني انهيارا للنفوذ الأمريكي في المنطقة .
وهذا التحول الكبير في منطقة الشرق الأوسط والذي كان حضور الأسد في قمة جدة وكل صورة للرئيس الأسد تحكي قصة فشل الولايات المتحدة بفرض اراداتها على حلفائها التقليديين الذين من الواضح انهم اعتمدوا نهج صناعة السياسات لدولهم بما يناسب مصالحهم وليس كما يناسب حكام البيت الأبيض فكان هناك جهود قادتها الامارات العربية والمملكة العربية السعودية لانعقاد القمة الذي تشكل عودة سورية لمقعدها أهم عمل على جدول الأعمال .
فقد حاول الامريكي التقليل من أهمية هذا الحضور وارسال رسائل بأن النفوذ الأمريكي مازال موجودا من خلال ارسال رئيس اوكرانيا زيلنسكي لحضور القمة ، للتعتيم على الحقيقة الآتية بحضرة الرئيس الأسد . ولعل الصحافة الاسرائيلية كانت اكثر واقعية من ساسة البيت الأبيض التي قرأت المشهد كما هو المتمثل بنصر الأسد وتهميش اسرائيل وهنا لابد من الاشارة لمقال سابق نشرته معاريف في عام ٢٠١٩ بعنوان سورية مملكة الأسد وهذا المقال يجعلنا ندرك بأن حقيقة نصر سورية موجودة في العقل الاسرائيلي منذ وقت مبكر وما تلا الحرب الكبرى خلال الاعوام الاولى ماهو الا حالة نكران امريكي للتسليم بالأمر الواقع .
فالتحديات مازالت موجودة وسورية حتى لحظة كتابة هذه السطور لديها ما تحارب لأجله فالولايات المتحدة الامريكية مازالت محتلة لجزء من الجغرافية السورية والاحتلال التركي موجود وهناك تحديات اقتصادية يعاني منها الشعب السوري الا انني ارى خيرا في الفترات القادمة فهناك مشاريع اقتصادية أتية الى سورية وهناك آفاق نتأمل منها خيرا من خلال تكليف وزير الخارجية السعودي بالتواصل مع امريكا والغرب لاجل اعادة الاعمار واللاجئين السوريين وكان هناك اجتماع سوري امريكي قبل انعقاد القمة العربية والذي أصر من خلاله الوفد السوري على خروج القوات الامريكية المحتلة من الاراضي السورية .
و لابد من القول بأن العالم متغير والكل يعمل على الجغرافية السياسية العالمية وهناك حراك دولي واقليمي كبيرين للعمل على استقطاب دول تخوض لجانب أحد أطراف الصراع الدولي معركة الهيمنة على النفوذ السياسي والاقتصادي واجتماع القمة العربية ببصمة الأسد يعنون لبدء مرحلة جديدة في اكثر من محور وعلى اكثر من جبهة .ولن يتوقف قطار النصر السوري عند قمة جدة بل في طريقه لإعلان النصر عالميا من خلال قمة المناخ التي ستعقد في دبي وما لهذه القمة من ثقل دولي والتي تلقى الرئيس الأسد دعوة لحضورها واعتقد بأن الأسد سيحضر ليعلن دوليا هذا النصر فتبادل الأدوار بين المملكة السعودية في قمة جدة والامارات العربية المتحدة في قمة المناخ لناحية الدعوة يؤكد بان هناك نورا اقليميا ينبثق بعد ظلام العشرية السوداء.