بعد الانقلابات في غرب افريقيا هل يتأثر الوضع العربي بتلك الانقلابات؟

للكتاب محمد المعموري

قبل الاسترسال  في ايجاد الفوارق بين الوضع الافريقي والوضع العربي علينا اولا ان نتابع الانقلابات العسكرية العربية التي حدثت في منتصف القرن الماضي والتي قادها ضباط منهم( الشباب)  مثل ” جمال عبد الناصر ” ورفاقه و ” القذافي ”  ومنهم من  (المحترفين )  مثل “عبد الكريم قاسم ” ورفاقه , في فترة كانت التحالفات الخارجية مرهونة بحلقة صغيرة من التحالفات والمصالح الغربية التي كانت قد تحمي النظام في تلك الفترة من الزمن , ولازلنا نعلم ان المؤسسة العسكرية كانت مهمومة في التسليح والتدريب الدرء الخطر الصهيوني وربما الاعداد الكامل نفسيا وعسكريا لإنهاء الاحتلال الصهيوني في تلك الفترة .

وبغض النظر عن ملا بسات تلك الفترة الا انها كانت فترة افتقرت فيها الى  الرقابة الاستخباراتية التي كانت تتنبأ في اي انقلاب ممكن ان يحصل والدليل كان تنظيم الضباط الاحرار في مصر او في العراق  يتحرك بحرية مقيدة بشيء من الحذر والدليل ان الضباط الاحرار كان تنظيما يشتمل على اغلب  صنوف الجيش , وهنا السبب ان الضباط القادة لم يكن (همهم ) مراقبة الاحداث من ضباطهم كونهم يعتقدون انهم غير قادرين على تحريك الوضع العسكري لأي حركة عسكرية قد تؤدي الى انقلاب عسكري تقوض  النظام .اما اليوم اعتقد ان هم بعض الحكام في الوطن العربي هو التقارير الاستخبارية التي تصدرها الدوائر الاستخبارية في الجيوش العربية .

ان ما حدث في غرب افريقيا هو ذاته الذي حدث في الوطن العربي في النصف الثاني من القرن العشرين , حيث كان هم القادة ومن يقودهم هو جمع الثروات والانغماس في الملذات وعدم الاهتمام بما يدور حولهم لذلك اصبحت الانقلابات ممكن ان تحدث كون الجيش يعمل بجهة والحكام يعملون بجهة وقد يعتقد الحاكم في تلك البلاد ان  “اغداق ” المال على القادة يجنبه الطمع في كرسيه لذلك كان الهم ان يشبع من حوله ليتجنب شره ومع الايام يصبح من يأكل من يد الحاكم طامع بان يأكل من يده  , فينقلب عليه بانقلاب عسكري تكون نتيجته اولا واخيرا للمصالح الشخصية الا ما ندر .

والسؤال المهم هل يستطيع العسكري قيادة الدولة بشكل يؤهله لبناء دولة مدنية متطورة تواكب التقدم العلمي والحضاري في العالم ام ان الشخصية العسكرية تحددها القواعد التي تربى عليها القائد العسكري مما يتسبب في كوارث اقتصادية وسياسية  قد تذهب بالبلاد الى متاهات لا يمكن ان تحمد  عقباها ؟  وهذا يعني ان الشخصية العسكرية اذا مسكت زمام الامور ستحول الدولة الى (امر صادر ومنفذ ينفذ) ،  وهنا ممكن ان تتحول الاوامر التي يصدرها الرئيس العسكري كالأوامر العسكرية ولا يمكن مناقشتها فتفوز دكتاتورية الاوامر العسكرية على ديمقراطية المصالح التي يجب ان تحسب للدولة .

والملاحظ  في الغرب لا تختار الشخصية العسكرية لحكم البلاد واذا كان ملك فانه يعد ولي عهده اعدادا نفسيا مدنيا وسياسيا وعندما يتأكد من تأهله لقيادة بلاده مدنيا يشركه في دورات عسكرية  لتكوين شخصيته العسكرية التي قد يحتاجها وتكون عون له في اتخاذ القرارات المصيرية مع” التكتيك”  السياسي الذي تربى عليه وتعلمه من الاعداد الذي  تم اعداده في فترة كانت هي الاولى في اكتساب المهارات السياسية دون ان ينصدم بالأوامر العسكرية التي تجعل من شخصيته شخصية مصدرة للأوامر دون الاستماع للآراء او الذهاب بعيدا عن الحزم باتجاه التكتيك السياسي .

ومن المعروف والاكيد ان اي انقلاب عسكري هو تقويض لأركان الدولة ولا يأتي بجديد لان المنقلبون هم من مؤسسة عسكرية كانت تتأثر بما تنتجه تلك الدولة من ادوات , وهنا يجب ان يتم التغيير  بالصندوق الحر الذي يصنعه الشعب وهذا لا يأتي الا بالإخلاص للوطن ويجب ان تتم التوعية لتثقيف الشعوب  (لا)  بان ننتظر من قائد كتيبة او لواء تغيرا قد يأتي بالألم الاكبر للشعوب ، فماذا فعل البشير بالسودان وماذا فعل غيره ببلاده …  فلم يحصد الشعب الا الدمار ويقينا فان القائد المنتفض ” الانقلابي ” غدا  يكون حاكما بتمنى الجميع بان لا يكون هو الحاكم …

مقالات ذات صلة