صراع الكبار… الصين وروسيا في مواجهة أمريكا

للكاتب خيام الزعبي

اليوم يتنافس الكبار، روسيا، الصين، الولايات المتحدة الأمريكية، على القارة الإفريقية بسبب موقعها الجغرافي وثرواتها، و يحاول كل منهما تأمين حركاتهم التجارية والاقتصادية في العالم عبر المياه للقارة الإفريقية. وان اشتدد هذا التنافس في ظل تطور وتنامى العلاقات الروسية الصينية التي تمثل نموذجاً يحتذى به لتعاون القوى العظمى في القرن الحادي والعشرين، وهو ما يُثير قلق وخوف الولايات المتحدة في ظل احتدام الصراع الروسي – الأمريكي والغربي، وتصاعد التوتر الصيني الأمريكي، حيث هناك تحركات واسعة للصين وروسيا لبسط نفوذهما في إفريقيا، وتعمل كل من الصين وروسيا على بناء تحالفهما ضد اميركا.

وإن سياسة الدول الكبرى تسعى خلف مصالحها، لتحقيق نفوذها الاقتصادي وتعزيز التبادل التجاري ومشاريع الطاقة في ظل ما تتمتع به إفريقيا من أهمية كبيرة على المستوى الدولي، فالقارة الأفريقية تمتلك مساحة كبيرة، وتمتلك نحو ثلث ثروات العالم المعدنية، وهنا تميل الدول الإفريقية الشراكة والتعاون مع الصين اقتصادياً وتجارياً، أما روسيا فتعتمد عليها أمنياً وعسكرياً، كل ذلك على حساب الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن تراجعت تجارتها مع إفريقيا إلى 64 مليار دولار بنسبة 1.1 % من التجارة العالمية للولايات المتحدة، وازدياد التجارة الصينية مع إفريقيا في العام المنصرم الى حوالي 261 مليار دولار، وبرزت روسيا كأكبر داعم في القارة من خلال استخدامها مجموعة فاجنر مقابل المعادن الثمينة.

 ومن أهم الأسباب التي أدت لتفضيل الأفارقة التعاون مع روسيا والصين هو عدم وجود تاريخ أو إرث استعماري، كما أن روسيا والصين لديهما تقدير واحترام لسيادة الدول الإفريقية، وعدم التدخل في شئونها الداخلية. وقد لا يرى الأميركيون العلاقة بين الصين وروسيا على أنها تحالف، ولكن هذا يرجع في الأغلب إلى افتقارها إلى ضمانات الدفاع المتبادل التي ميزت التحالفات الأميركية منذ سنوات، ومع ذلك تظهر سمات عدة للتحالف، منها مبيعات الأسلحة والتدريبات العسكرية المشتركة، والعلاقات المتنامية في تقنيات الدفاع.

كما يعدّ قادة الإدارة الأمريكية نمو الصين الاقتصادي  تهديد للأمن القومي الأمريكي، ويتكلمون عن قلق ينتابهم من تصاعد قوة الصين، ونمو اقتصادها السريع، ومن كبر الفجوة بينها وبين أمريكا.. مما جعل الجميع يستشعر حرباً بين البلدين لأن أمريكا لن تخلي مكانها ببساطة، كقوة تسيطر على العالم، وبالتالي فإن العلاقات الأمريكية الصينية هي علاقة معقدة و مركبة و متعددة الأبعاد و مزيج معقد من علاقات التعاون و المنافسة و التحدي على المستوى الاستراتيجي.ولم تعد موسكو اليوم مجرد عاصمة كبرى، أو إحدى الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، بل أصبحت عاصمة روسيا الاتحادية التي استطاعت أن تنافس واشنطن على مقعد رئاسة مجلس إدارة العالم.

ولا شك بأنه أصبح هناك مؤشراً مهماً للتحولات التي قد تؤسس لواقع جديد للعلاقات الدولية والنظام العالمي المعاصر يتجسد في الكيفية التي نجح بها الرئيس الروسي بوتين مؤخراً من سحب البساط من الولايات المتحدة الأمريكية ، اللاعب الأهم والأكثر تأثير على المسرح الدولي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وبدا هذا واضحاً من خلال مواقف روسيا وبوتين الذي يقودها للعودة الى المسرح الدولي بقوة مناوئة مقلقة للغرب، بأجندتها ومصالحها، وساعية لإنهاك الولايات المتحدة الامريكية أكثر في مسارح عمليات خارج مناطق نفوذ روسيا الاتحادية في القوقاز وجمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق، الى درجة أن روسيا ترسل الآن مدمراتها وسفنها الحربية للمتوسط وتهدد بتسليح حلفائها بأنظمة صاروخية دفاعية متطورة.

واقتربت كل من الصين وروسيا مؤخراً من إيران  العدو اللدود الآخر لاميركا ، وقد تتطور عسكرياً بشكل سريع لتشكل قوة مناوئة لأمريكا والغرب في الشرق، وهو ما يمكن اعتباره أمريكياً كابوساً استراتيجياً في الشرق، قد يصعب السيطرة عليه أو مواجهته بسهولة مستقبلاً. وفي ضوء هذا الواقع، هناك تغيير كبير حاصل الآن على المسرح الدولي بما فيه من تراجع ثقل وتأثير واشنطن وتقدم الصين وعودتها بكل زخم وقوة لمقارعة واشنطن، وقضية سورية أحد تلك المؤشرات، في إطار ذلك يمكنني القول ، أنه لا يمكن أن يستمر بايدن في حرب خاسرة، لذلك فليس له سوى العودة إلى التفاهم مع بكين وموسكو.

مقالات ذات صلة