تعد القراءة المتمعنة لخطاب نتنياهو امام الكنيست ضروري ليس لأهمية ما قاله فقط بل لما تدل عليه كلماته وما تؤشر له تلك الكلمات من حيث التطورات المستقبلية للصراع الدائر والذي اسماه هو صراع الوجود وليس صراع الحدود وقبل ان ندخل في تفاصيل ليست كبيرة نشير بوضوح الى ان قاعة الكنيست شهدت ولأول مرة حشدا من أهالي الاسرى وأهالي من قتل في الحرب على ارض غزة يصفرون ويقاطعون نتنياهو تعبيراعن رفضهم لكلامه وتعبيراته وسعيه لالحاق الأذى بكل الاسرى حتى لا يفتحوا عليه الأبواب لمهاجمته وتوجيه تهمة جديدة له وهو قتل الاسرى الإسرائيليين.
فقد قال نتنياهو باختصار وهذه هي زبدة خطابه أمام الكنيست في محاولة لتبرير موقفه من تمديد واتساع الحرب والعدوان على اهل غزة وارتكاب الجنايات والمجازر ضد الأطفال والنساء والمدنيين على كل أرض غزة ومحاولة دفشهم بالقوة والسلاح والصواريخ والغارات والمدفعية نحو رفح ثم تهجيرهم من القطاع. واشار الى ان نتنياهو الحرب ستستمر طويلا ونحن لم ننجح حتى الآن في تحرير المختطفين والمحتجزين لدى حماس ولذلك علينا ان نتابع الحرب حتى نحقق اهدافنا. وهنا ابتلع نتنياهو ريقه وقال اهدافنا هي تحرير المحتجزين وتصفية حماس وانهاء وجودها على أرض غزة ولنتسلم نحن الأمن في قطاع غزة عبر وجودنا وقواعدنا وتابع بالقول ان معركتنا معركة وجود مع حماس.
فما قاله نتنياهو انها معركة وجود مع حماس ولم يقل معركة وجود مع الفلسطينيين وبذهن نتنياهو ان الفصل بين حماس والفلسطينيين يمكن ان يكون قائما فعلا من خلال تخويف الفلسطينيين وقتل عشرات الآلاف منهم أطفالا ونساء ومدنيين وتدمير مدارسهم ومستشفياتهم ومقراتهم ومؤسساتهم وجامعاتهم وكل مؤسسة تعني بالإنسان وحقوق الانسان وحاجات الانسان لتكون حياته حياة آمنة ومستمرة ثم ومستقرة أيضا. فاذا عدنا للوراء قليلا نرى ان المرحلة الأولى من هذه الحرب كانت مرحلة هجومية تمكنت فيها قوات المقاومة الفلسطينية اكتساح الحدود ونقاط العبور وتصفية كل الجنود اللذين كانوا يقومون على تحديد هذه الحدود ومنع المرور ومنع الشاحنات ومنع الغذاء ومنع الدواء .
في هذه المرحلة شهدت سقوط عدد كبير من القتلى من ضباط وجنود الجيش الإسرائيلي الذين تجرأو على المهاجمة قبل الاعداد لهجوم جندت فيه كل أسلحة إسرائيل الدرعية والجوية والمدفعية والبحرية ، نقول هذه هي المرحلة الأولى وبدأت المرحلة الثانية بهجوم جيش إسرائيل على قطاع غزة وشن عدوان مجزري دموي نازي على الأهداف المدنية الفلسطينية في قطاع غزة شمالا ووسطا وجنوبا بنتيجة هذه المرحلة التي لم تنتهي بعد وقد تنتهي خلال هذا الأسبوع دمرت اكثر من 320 ألف مبنى ومسكن لسكان غزة وهذا يعني ان قرابة مليوني انسان اصبحوا بلا مأوى وبلا منزل وبلا مكان ينامون فيه فلجأوا لمحيط المستشفيات ولجئوا لمباني الأمم المتحدة ولجئوا لمدارس الأمم المتحدة ولجئوا لكل مؤسسة تعنى بحقوق الانسان وأمن الانسان ودواء الانسان وغذاء الانسان .
فهذه حرب إبادة شنتها إسرائيل وما زالت مستمرة حتى هذه اللحظة ومع نهاية العام 23 يكون الإسرائيليون قد قضوا اكثر من 85 يوما في حرب متصلة وعدوان متصل لا يستهدفون سوى المستشفيات وتدميرها مما جعل اكثر من 80% من مستشفيات ومصحات قطاع غزة خارجة عن العمل ومدمرة كليا او جزئيا وجعلها غير صالحة للجراحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة .وهذا كله يمثل استهداف للشعب الفلسطيني ليس كما يدعي نتنياهو بان الحرب موجهة فقط للقضاء على حماس ،فنتنياهو مهزوم ويحاول من خلال استمرار المعركة وتوسيعها واستخدام مزيد من القذائف لتدمير ما تبقى من بيوت شبه مهدمة هذا هو الخط الذي سيتبعه نتنياهو ليبرر ما جرى حتى الآن.
نتنياهو سيقوم بقتل الاسرى حتى لا يقوموا بتوعية الشعب الإسرائيلي بما فعله نتنياهو وشركائه أمثال بن غفير ووزير المالية ،فهم يجوعون اهل غزة الآن مع بداية المرحلة الأخيرة ويصرون امام رفض العالم كله باستثناء أميركا و يصرون على ان لا يمر رغيف واحد او زجاجة ماء واحدة او زجاجة دواء الى قطاع غزة دون ان تفتشه إسرائيل ويحق لنا ان نقول ربما دون ان تسممه إسرائيل لان الذي يقصف بالطائرات اسرة الأطفال والنساء لا يتورع عن تسميم مئات الآلاف بل اكثر من مليونين وثلاثة ملايين من أهالي غزة عبر الماء الملوث وبث الفايروس التي يصنعها معهد الفايروس الإسرائيلي السري الواقع الى جنوب يافا وتل ابيب .