للكاتب علي محسن حميد
انشغلت الحكومات العربية بشؤنها وطموحاتها الخاصة أوالتنافس فيما بينها عوضا عن التكامل الاقتصادي وبمراكمة الثروة ،مع صفر تنمية حقيقية. وهذه الثروات المودعة في الغرب قد يصبح مصيرها كمصير الأموال الروسية في امريكا واوريا الغربية المهددة بالتصفير عند ما يحين الحين .فالدول العربية تملك قوات مسلحة عاطلة عن العمل وتخصص ميزانيات كبيرة لتسلحٍ لاتتطلبه احتياجات الأمن الوطني يثري مجمعات مصانع السلاح الامريكية ويحل جزء من مشاكل البطالة الغربية. وتعبيرا عن فقدان الاستقلال لاتقاوم فرض سقف تسلح امريكي تعسفي عليها يستثني منه دولة الإبادة لتُبقي امريكا كيانها الرديف في فلسطين المحتلة الأقوى على كل الجيوش العربية.
وهذه سياسة امريكية معلنة لم يحتج عليها أحد وفوق ذلك لم تبحث هذه الدول مثل تركيا عن بديل للتسليح لفقدانها للإرادة الحرة. وباستثناء مصر التي يعتبر تحديثها لترسانتها العسكرية واجبا فإن هذه الدول لاتحادد دولة الإبادة الجماعية ولن تخوض حربا ضدها بأي حال من الأحوال لكي تكون هي المشتري الأول لأسلحة بمليارات الدولارات سنويا توضع في المخازن وتُنشّط فقط صناعة الموت الامريكية التي تقتل الفلسطينيين. فالثروة صفّرت التضامن العربي ليصبح في علاقة تضاد مع الثروة والمجتمعات الاستهلاكية.ولم يتم الاكتفاء بذلك بل أسهمت الدول العربية مع امريكا في تدمير العراق واحتلاله وفي شل سوريا كدولة مواجهة مع كيان الإبادة ولانزال نصمت على احتلال امريكا لجزء من ترابها الوطني وسرقة ثروتها النفطية.
فإسرائيل تعربد بأمان في المسجد الأقصى وعندما يعلن أحد فاشييها عن بناء كنيس فيه ثم يحوله في مرحلة ثانية إلى أثر بعد عين في تحدٍ أرعن لمليار ونصف المليار مسلم إلا وهي تعرف معدن هؤلاء الصدئ وسوء أحوالهم وقبولهم للمذلة. وعن الأقصى كلما سمِعت دولة الإبادة عن خطوطنا الحمراء وبياناتنا التي لاتنقذ الأقصى والأقرب المحصورة في غيرة لفظية على المسجد الأقصى وحده والاستعداد لقبول ماعداه كالاستيطان العنصري الإحلالي ازدرتنا وزادت تطرفا لأنها تعي أننا ألسن بدون أفعال ونبرئ ذممنا بجميل القول. ومن حقنا أن نسأل كم ثري عربي وكم دولة عربية بذلوا المال فقط للحيلولة دون تهويد وضم القدس العربية المحتلة والضفة وكم دولة احتجت لدى الإدارة الامريكية على انتهاكات إسرائيل للمقدسات الإسلامية والمسيحية المقدسية.
فعندما نقل ترامب سفارة بلاده عام ٢٠٢٠ إلى القدس الغربية المحتلة كان رد الفعل العربي الرسمي والشعبي باهت وصمت الجميع بعد أن كان الجميع يلوذ بوهم الإجماع العربي كعاصم من هذه الجريمة الامريكية ومر الأمر بسلام ونقل إعلامنا وقائع الفرحة الصهيونية وخطاب النصر للصهيوني جارد كوشنر زوج بنت الرئيس ترامب وكأن ماكان يحدث،حدث في مكان غير القدس المحتلة. وإن اقتلاع الوجود الفلسطيني بمسلميه ومسيحييه ماديا وروحيا استراتيجية صهيونية مثابرة وصبورة تدفع من أجلها إسرائيل والأثرياء الصهاينة أغلى الأثمان ابتداء من روتشيلد قبل قيام دولة الإبادة عام ١٩٤٨ وليس انتهاء بموسكوفيتش لتهويد القدس على وجه الخصوص، بمقابل بخل عربي فاضح لم يسجل التاريخ في صفحاته عارا كعاره.
فمثلا يمكن ان يتمنع دولة الإبادة منح تراخيص بناء مساكن للمقدسيين على وجه الخصوص وتقدم إغراءت كبيرة جدا لمن يبيع بيته من الفلسطينيين في القدس العربية المحتلة بثمن لايحلم به مع منحه وعائلته إقامة ثم جنسية في الولايات المتحدة، وهذا هو العدو غير المعلن لقضية فلسطين وللأمة العربية. وبالمقابل لايهُب ثري عربي يؤدي الفروض الخمسة وربما لاتترك المسبحة يديه لنجدة القدس ومقدسييها. فالقدس في مفترق طرق كما هو حال أمتنا الثرية- البخيلة الفاقدة للعزيمة والصامتة عن كل هزيمة واليوم القدس وغدا أولى القبلتين ثم ثانيتهما فالأزهر الشريف.
إن دفاترحساب دولة الإبادة والتوسع مفتوحة لأنها تعيش حرب وجود ليس مع الفلسطينيين وحدهم بل مع كل العرب بينما العرب مستمرون في عد أرقام الثروة التي تعيشهم في وهم أن هذه الثروة هي طوق نجاة وكافية وحدها لتوفير الكرامة. فلماذا يتخلى العرب عن مسؤلياتهم اليوم؟. فاكيد ليس لدى أحد رد شافٍ لاكتشاف حكمتهم أوقادر على سبر أغوارهم.