نتنياهو يريد إطالة امد الحرب.. هل الحرب الاقليمية الموسعة اقتربت؟

للكاتب علي ناصر محمد

حرب غزة تعد  واحدة من أكثر الحروب وحشية التي شنها الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية. واستهدفت هذه الحرب أرواح الأبرياء ودمّرت المنازل والمرافق الحيوية. ورغم الحصار والدمار، استمر الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية في الوقوف بشموخ، متمسكًا بحقوقه المشروعة، في ظل صمت دولي مخجل، سواء من العالم العربي أو الإسلامي أو المجتمع الدولي.فمنذ بداية هذا العدوان، أثبتت غزة أنها الحصن المنيع وخط الدفاع الأول عن القضية الفلسطينية، وأنها الحامي الرئيسي للمسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية.

 لقد تحولت غزة إلى أيقونة للصمود في وجه آلة الحرب الإسرائيلية التي لا تعرف الرحمة. كل يوم، وكل ساعة، يُظهر الشعب الفلسطيني في غزة قدرته على التحمل والتحدي في مواجهة أشد أشكال العدوان وحشية. في سياق هذه الحرب، يسعى مجرم الحرب بنيامين نتنياهو،  لإطالة أمد الحرب على غزة والضفة الغربية لأنه يعلم جيدًا أن نهاية هذه الحرب ستكون بداية نهايته الشخصية ومحاكمته كمجرم حرب، وكذلك نهاية اليمين المتطرف في إسرائيل. ويحاول نتنياهو بكل الوسائل عرقلة الجهود السلمية التي تقودها مصر وقطر والإدارة الأمريكية. وقد وضع شروطًا تعجيزية بهدف إفشال أي محاولة لوقف الحرب.

ومن بين هذه الشروط، مطالبته بالسيطرة الكاملة على محور فيلادلفيا، والمطالبة بالانسحاب الكامل من غزة، وهي شروط تهدف بوضوح إلى إبقاء الوضع الراهن وتعقيده أكثر. وفي مشهد مليء بالتناقضات، وقف نتنياهو في خطابه بالأمس متباكيًا ومحاولًا استدرار عطف المجتمع الدولي، متحدثًا عن مقتل ستة أسرى إسرائيليين، الذين قتلهم جيش الاحتلال نفسه. لكنه، في المقابل، تجاهل بكل برود مقتل أكثر من 44 ألف فلسطيني على يد جيشه، وإصابة ما يزيد عن 90 ألف آخرين، غالبيتهم من الأطفال والنساء والشيوخ.

وهذا التناقض الصارخ لم يعد يمر مرور الكرام حتى داخل المجتمع الإسرائيلي نفسه. فقد بدأت أصوات الغضب ترتفع، وخرج الآلاف من الإسرائيليين في مظاهرات غاضبة تطالب بإقالة نتنياهو وحكومته التي تسببت في هذه الحرب الوحشية.اذ  لم يعد نتنياهو الشخصية القوية التي كانت تحظى بالدعم الداخلي، بل أصبح اليوم منبوذًا في الداخل والخارج على حد سواء. وإن الحرب التي يشنها نتنياهو وحكومته المتطرفة ليست مجرد حرب على الفلسطينيين، بل هي حرب على الإنسانية بأسرها، بدءًا من حقوق الإنسان الأساسية وصولًا إلى حق الشعوب في العيش بحرية وكرامة.

و يجب على مجلس الأمن الدولي التحرك فورًا وبشكل حاسم لوقف هذه الإبادة الجماعية المستمرة. فإذا لم يتحرك مجلس الأمن الآن، وإذا لم يقم بدوره في حماية الأبرياء وفرض القانون الدولي، فما هو دوره إذًا؟ هل وُجد ليقف مكتوف الأيدي أمام معاناة الشعوب؟ أم أنه أداة لحماية الأقوياء والمعتدين؟ الإجابة على هذا السؤال ستحدد مستقبل النظام الدولي بأسره، وستظهر للعالم ما إذا كانت العدالة والإنصاف لا تزالان قيمتين حقيقيتين أم أنهما مجرد شعارات تُستخدم لتحقيق مصالح ضيقة.

و لا بد من التذكير بأن التاريخ سيسجل هذه المرحلة كواحدة من أكثر الفترات السوداء في تاريخ الإنسانية، ليس فقط بسبب وحشية الحرب، ولكن أيضًا بسبب الصمت المخزي الذي رافقها. لكن، في الوقت نفسه، سيخلد التاريخ صمود الشعب الفلسطيني كبطولة نادرة، وسيبقى نضالهم منارة للأجيال القادمة.

مقالات ذات صلة