أظهرت دراسة جديدة أن الأفيال الإفريقية، التي تعد من أكبر الحيوانات على الأرض وتتمتع بذكاء استثنائي ووعي عاطفي، تواجه تهديدا خطيرا بالانقراض.
ويحذر العلماء من أن هذه الأنواع، التي تنتشر في 37 دولة أفريقية، تتجه نحو الانقراض بسبب تراجع أعدادها بشكل حاد.
واعتمدت الدراسة، التي قادها خبراء الحياة البرية في جامعة ولاية كولورادو الأمريكية، على 53 عاما من بيانات المسح التي تعود إلى ستينيات القرن العشرين.
ووجدت الدراسة أن أعداد الأفيال في إفريقيا شهدت انخفاضا ملحوظا في كلا النوعين الرئيسيين: الفيل الإفريقي للغابات (L. cyclotis) والفيل الإفريقي الأكبر حجما (L. africana).
ووفقا للنتائج، انخفضت أعداد الأفيال L. cyclotis بنسبة 90% في المتوسط، بينما انخفضت أعداد أفيال L. africana بنسبة 70%. وبشكل عام، تراجع عدد الأفيال في القارة بنسبة 77% في المتوسط.
ويعود هذا التراجع بشكل رئيسي إلى الأنشطة البشرية، مثل الصيد الجائر والقتل الانتقامي بسبب غارات الأفيال على المحاصيل، فضلا عن تدمير الموائل الطبيعية بسبب التوسع الزراعي والتحضر. كما أن ذكور الفيلة، التي تتميز بأنيابها الثمينة، ما زالت مستهدفة من قبل تجار العاج.
وقال جورج ويتماير، معد الدراسة وأستاذ الحياة البرية في جامعة ولاية كولورادو، إن هذه البيانات تظهر “قصة انحدار” للأفيال، رغم أنه تم رصد بعض القطعان التي أصبحت أقوى في مناطق معينة.
وأضاف أن الدراسة تظهر بوضوح مدى سرعة اختفاء هذه الحيوانات الضخمة من القارة.
وتقدّر الدراسة أن أعداد الأفيال في إفريقيا تقتصر حاليا على حوالي 415 ألف فيل، بينما كانت الأعداد تصل إلى 3-5 ملايين فيل قبل قرن من الزمان.
ومع ذلك، أوضح فريق البحث أن أعداد الأفيال لا تتراجع في جميع أنحاء القارة. ففي بعض المناطق، مثل جنوب إفريقيا، وخاصة في بوتسوانا، ازدهرت أعداد الأفيال بفضل برامج الحماية المستدامة. كما سجلت حديقة بيندجاري الوطنية في بنين زيادة في أعداد أفيال الغابات في غرب إفريقيا، وهو أمر نادر في تلك المنطقة.
لكن الأفيال لا تزال تواجه صراعا مستمرا مع السكان المحليين الذين يشتركون معها في الأراضي نفسها. وفي كثير من الأحيان، تهاجم الأفيال المحاصيل وتدمرها، ما يزيد من التوتر بين الإنسان والحيوان. وتفاقمت هذه المشكلة بسبب تقلص مساحات الموائل الطبيعية للأفيال، ما يزيد من تعرض المحاصيل للهجوم.
وعلى الرغم من أن الدراسة تعد الأكثر شمولا التي تم إجراؤها على الأفيال الإفريقية حتى الآن، فإن العلماء يعترفون بوجود فجوات في البيانات، خاصة في المناطق النائية. ففي حين أن المسوحات الجوية التي تتم باستخدام الطائرات المأهولة تعتبر التقنية الأكثر شيوعا لجمع بيانات حول الأفيال، فإنها تواجه صعوبات بسبب الإرهاق وضعف الرؤية، وقد تؤثر أحيانا على دقة النتائج. أما الطائرات بدون طيار، رغم إمكانياتها الواعدة، فلا تزال تواجه تحديات في تغطية المساحات الكبيرة والنائية، كما أن معالجة صورها تتطلب موارد كبيرة.
وغم هذه التحديات، يؤكد فيق البحث أن دراسة المناطق التي شهدت زيادة في أعداد الأفيال يمكن أن تساعد في تحسين استراتيجيات الحفظ.