عقد فى طهران يوم 19 ديسمبر 2022 الجوله الثالثة من منتدى طهران للامن والتعاون وحسن الجوار وقد دعت إليه الحكومة الإيرانية عددا كبيرا من المشاركين من معظم دول العالم .تحدث في الافتتاح مدير معهد العلاقات الدولية التابع لوزارة الخارجية الإيرانية ووزير الخارجية الإيرانى الذى ركز على موقف إيران من مختلف القضايا الإقليمية والدولية كما ركز على أن إيران تمد يدها إلى جيرانها وإنها تطمع أن يكون الخليج بحيرة سلام وتعاون وليس خطا للصراع بين إيران والولايات المتحدة .
وبعد الافتتاح توزع المشاركون فى ندوتين الأولى انشغلت بموضوع افغانستان ومستقبل الحكم فيها وقد لاحظنا أن هذه الندوة حضرها ممثل عن طالبان كما حضرها آخرون من غير الأفغان ولاحظنا أيضا أن الموقف الإيرانى كان يميل إلى نقد حكومة طالبان وربما كان ذلك بسبب ما لاحظته إيران من مواقف أخيره خاصة الانسحاب الأمريكى المفاجئ عام 2021 من أفغانستان رغم أن هذا الموقف كان يجب أن يسعد طهران لأنه يؤشر إلى أزمة فى القرار الأمريكى .أما الندوة الثانية فقد أنشغلت بالصراع فى أوكرانيا . وقد لاحظ المشاركون فى هذه الندوة أن الحكومة الإيرانية وفرت قدرا كبيرا من التوازن فى دعوتها للمشاركين وقد كان السفير الروسى فى طهران والقائم بالاعمال الأوكرانى حاضرين كما كان على المنصة متحدثون من إيطاليا والمجر .
وقد عبر المتحدثون من إيطاليا والمجر عن الموقف الأوروبى ثم كانت التعليقات حول طبيعة الصراع وحول مدى عقلانية القرار الروسى وحول مستقبل هذا الصراع خصوصا الجانب العسكرى منه .وقد علق أحد المتحدثين من الأردن وفى الغالب هو من أصل فلسطينى ناقدا للموقف الأوروبى الذى يميز بين فلسطين وأوكرانيا متجاهلا الفرق فى نظر أوروبا بين الطرفين ففلسطين تحدد موقف أوروبا منها علاقتهم بإسرائيل التى اشتركوا جميعا فى زرعها فى هذه المنطقة .أما أوكرانيا التى كانت جزءا من الامبراطورية الروسية ثم من الاتحاد السوفيتى قد أصبحت رمزا للغرب والعداء لروسيا ولذلك فإن الصراع أساسا سياسى وطرفاه روسيا والغرب والذى امتد لأكثر من قرنين من الزمان ولكن تجلياته العسكرية
فلاشك أن روسيا تتعرض للكثير من المصاعب المترتبه على تمسك الغرب باستنزاف جيشها فى أوكرانبا وكذلك استنزاف القوة الروسية بفرض كل أنواع العقوبات على روسيا ويشاطرها فى ذلك الصين. ولاشك أن غبار هذا الصراع قد أصاب العالم كله وتبدو فى الأفق ملامح نظام جديد ليس مواليا لكليهما وإنما يتسم بالسيوله لمدة طويلة قبل أن تتشكل ملامحه .وعموما فإن مواقف الدول العربية من الصراع بين روسيا والغرب لا يمكن رصدها بدقه ولكن الثابت أن واشنطن سوف تزيد ضغطها على دول عربية حتى تنحاز إلى الغرب فى مرحلة متقدمة ونأمل أن يحدث الصدام بين روسيا وإسرائيل مادامت قد اختارات أن تكون رمزا متقدما للغرب الذى يعادى روسيا فى جميع مراحل التاريخ.
فإذا حدث هذا فإنه سينقل المنطقة العربية إلى ساحات الصراع السياسى والعسكرى ولكنه فى النهاية سوف يكون فى صالح العرب لأن إسرائيل تدرك تماما أن روسيا تصر على توسيع نفوذها وعلى انشاء نظام دولى جديد لا يسيطر فيه الغرب الذى يصر بدوره على الانتقاص من القوة الروسية بل وتفكيكها والقضاء عليها ويدرك الغرب تماما أن الصين وإيران تتحالف مع روسيا.أما موقف إيران من الصراع الروسى الغربى فقد أوضحه وزير خارجية إيران فى كلمته كما أوضحه وأكده نائب وزير الخارجية ومدير معهد العلاقات الدولية الذى عقد هذا المؤتمر والمنتدى فى رحابه ويتلخص موقف إيران من الصراع الروسى الغربى حسبما أوضحه الوزير الإيرانى فيما يلى:
أن إيران ليست طرفا فى هذا الصراع .وأن الطائرات بدون طيار الإيرانية التى ظهرت واستخدمتها روسيا فى ساحات القتال كان عددها قليلا كما أن روسيا حصلت عليها بطريق تجارى قبل بدء العمليات العسكرية.و أن إيران تتمنى مع غيرها فى أن تتوقف الحرب وأن يتم تسوية المشكلة عن طريق المفاوضات.والمعلوم أن هناك مصالح مشتركة كثيرة بين روسيا وإيران والسقف الأعلى للعلاقات بينهما هو التصدى لهيمنة الغرب وخصوصا الولايات المتحدة وكذلك مواجهة أثار العقوبات المفروضه منذ سنوات على إيران وتعانى روسيا منها