حرق القران الكريم… وصب الزيت على النار

للكاتب اسيا العتروس

 قد تكون الصدفة شاءت ان تتزامن جريمة حرق نسخة من القران الكريم في السويد  على يد لاجئ عراقي متطرف مع مقتل الطفل الفرنسي  من اصول جزائرية برصاص شرطي في عملية تابع العالم بشاعتها ما يعزز القناعة بأن مظاهر التطرف والعنصرية  واستفزاز المسلمين والعرب مسألة لا يختلف بشأنها اثنان …واذا انطلقنا من مبدا ان العنف يولد مزيد  العنف الذي لا يمكن الا ان يضاعف الاحقاد والرغبة في الانتقام فان تكرار الجريمتين  مسألة غير مستبعدة طالما استمر تعاطي الاطراف المعنية بما ظهر من الاسباب دون ما خفي منها …لسنا بصدد تجميل صورة العرب والمسلمين  المهتزة  بسبب حالة الانقسام و التردي  والتخلف و الصراعات و انعدام الحريات و كل مظاهر الدكتاتورية و التخلف التي يغرقون فيها .

 لكن الحقيقة اننا ازاء ظاهرة معلنة من العداء والكراهية والحقد الى درجة العنصرية البغيضة التي تجرمها العدالة الدولية ازاء كل الشعوب…و لوأن الامر تعلق باي دين من الاديان لما اختلف موقفنا مما يحدث من تطاول على المعتقدات …المفارقة أنه رغم كل ما يحدث فان توجه الشباب في الدول العربية والاسلامية للهروب الى أوروبا  تشهد على ذلك الطوابيرالطويلة للفوز بتاشيرة العبور الى اوروبا بالطرق القانونية و معها ماسي سفن الموت للباحثين عن الهروب غير القانوني…وهي مفارقة ستظل مستعصية طالما استمر هروب المسؤولين من مواجهة اسباب و تداعيات الظاهرة …

نعم , كثيرة هي الاحداث والتطورات التي من شأنها ان تؤكد ان هناك رغبة في صب الزيت على النار والتوجه نحو تاجيج الاحقاد والكراهية واستفزاز مشاعراكثر من مليار مسلم في العالم  في غمرة عيد الاضحى …والاكيد انه  عندما يتكرر السيناريو فانه لا يمكن ان تكون الصدفة وحدها وراء تكرار جريمة احراق القران الكريم في العاصمة السويدية وأمام  مسجد استوكهولم وتحت انظار وحماية و ترخيص السلطات الرسمية بدعوى حرية الراي و التعبير …

وصحيح أن منفذ العملية هذه المرة لاجئ عراقي في السويد  والارجح  أن  في تكرار الجريمة في نفس المكان مع اصرار المنفذ على تكرارها خلال ايام  ما يعكس موقفا واضحا بعدم الرغبة في قراءة الاحداث والاستفادة من تداعيات ما حدث في السابق من استفزاز للمشاعر واعتداء على المقدسات ..وندرك جيدا أن العقل السليم يفترض التعاطي مع مثل هذه الممارسات العنصرية التي  لا يمكن باي حال من الاحوال ان تنتقص  لا من مكانة الاسلام  ولا من عظمة القران ,تماما كما ندرك أن للتطرف دعاة في كل مكان  ولا شك بل ان في مثل هذه الانتهاكات التي تكشف نفسية اصحابها العدائية وعنصريتها.

 وما لا يمكن ان يبرأ باي حال من الاحوال الانظمة والحكومات الاوروبية التي تناقض  بهذا التجاهل القيم الانسانية و المبادئ التي تدعو اليها كلما تعلق الامر بنبذ العنصرية و احترام حرية المعتقد وعدم المس بالمقدسات التي لا تقبل التمييز .وليس في اطار محاكمة النوايا و لكن الحقيقة أن في تواتر بعض الاحداث ما يدعو صراحة للبحث عن تداعياتها و ضرورة  التخلي عن الحوار الفاشل بين الحضارات الذي لم يتجاوز حدود الندوات الرسمية الفاخرة الى ما يستوجب تغيير العقليات والاقرار باحترام الاخر والحق في الاختلاف.وليس من المبالغة اذا ما تم اعتبار  أن الصرخة التي كان اطلقها الصحفي الامريكي توماس فريدمان بعد هجمات 11 سبتمبر الارهابية “لماذا يكرهوننا “جديرة بأن تطرح في كل العالم العربي والاسلامي لان مظاهرالحقد والكراهية تجاوزت في كثير من الاحيان كل الخطوط الحمراء…

ونتوقع من خلال هذا المنبر الا يتأخر قادة الاتحاد الاوروبي المجتمعين في بروكسيل عن ادانة ما حدث والسعي جديا لتفادي انتشار الكراهية والرغبة في الانتقام واعتماد سياسة أقل عنصرية واكثر انسانية  في التعاطي مع الشعوب المعنية ومراجعة خياراتها المعلنة في التعاطي مع الملفات الحارقة و السياسة الانتقائية المجحفة في ملفات الهجرة غيرالنظامية والتصدي لتجارة البشروسفن الموت التي تمعن في استصغار الاضعف واستغلال ازماته و تحميله تبعات فشلها الذريع في الانتصار لانسانية الشعوب …

مقالات ذات صلة