العقوبات الاقتصادية إصلاحٌ أم سِلاح؟

للكاتب محمود عبد العال فرّاج

سجلت الاحداث نجاحا جديدا للدبلوماسية العربية وتحديدا القطرية والعمانية بالاتفاق بين الولايات المتحدة الامريكية وايران على تبادل 5 من الأمريكيين مقابل موافقة أمريكا على الافراج عن 6 مليارات دولار امريكي من الأصول المالية الإيرانية المجمدة وفقاً للعقوبات المفروضة على الجمهورية الإيرانية حيث(نقلت إيران خمسة أمريكيين من السجن إلى الإقامة الجبرية، وفق ما أفاد مسؤولون وأفراد من عائلاتهم  ، في خطوة أولى من اتفاق من شأنه أن يؤدي للإفراج عن مليارات الدولارات من الأموال الإيرانية المجمدة مقابل السماح لهؤلاء المساجين بمغادرة الجمهورية الإسلامية .

ويأتي هذا التطور بشأن السجناء -وأحدهم محتجز منذ نحو 8 سنوات- بعد جهود دبلوماسية هادئة ومضنية بين البلدين الخصمين اللذين انهارت محادثاتهما المنفصلة حول إحياء الاتفاق بشأن النووي الإيراني، وقالت مصادر مطلعة على المفاوضات إن الخطوة التالية ستكون تحويل 6 مليارات دولار من الأموال الإيرانية المجمدة في كوريا الجنوبية إلى حساب خاص في قطر يمكن لطهران استخدامه لشراء سلع إنسانية مثل الغذاء والدواء) . فما حقيقة هذه الموال المحتجزة التي سيتم الافراج عنها ولماذا جمدت أساسا، فقد بدأت العقوبات الاقتصادية على إيران تطبيقها منذ فترة طويلة، ولكن الفترة الأبرز والأكثر توسعًا في هذا الصدد بدأت بعدما أعلنت الولايات المتحدة انسحابها من الاتفاق النووي مع إيران في مايو 2018.

 فقد تم التوصل إليه في عام 2015 بين إيران ومجموعة من القوى العالمية، بما في ذلك الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي ، كان الاتفاق ينص على تخفيف العقوبات المفروضة علي ايران مقابل التزامها بتقييد برنامجها النووي  ، الا ان الادارة الامريكية في عهد الرئيس ترامب انسحبت من هذا الاتفاق في العام 2018م واعادت فرض عقوبات مشددة على، تعددت هذه العقوبات وتنوعت بما في ذلك العقوبات على قطاع النفط والقطاع المالي وتجميد الأصول حيث تم تجميد الأصول والأموال الإيرانية في البنوك الدولية والمؤسسات مالية ووضعت قيود تجارية على مجموعة متنوعة من المنتجات والسلع.

فالعقوبات الاقتصادية هي إجراءات تتبعها منظَّمة الأمم المتحدة بحق الدول المتفق على عقابها داخل مجلس الأمن، بسبب إخلالها بالشرعية الدولية وقواعد القانون الدولي، وتهديدها السلم والأمن الدوليين، وهي إجراءات تتخذ بقصد التأثير في الدولة المدانة للتراجع عن مواقفها أو تصرفاتها أو إجراءاتها الممارسة من قبل حكوماتها، لتجنب اتخاذ إجراءات أشد قساوة، كالعقوبات العسكرية الحربية. وتشمل العقوبات الاقتصادية فرض قيود على التجارة الدولية مع الدولة المستهدفة، من حظر توريد الأسلحة والتكنولوجيا، وعدم التعامل مع موانئها أو مطاراتها، والحد من التصدير أو الاستيراد أو التعامل بالبورصة والعملات الدولية، كالدولار الأميركي الذي تعتمد عليه معظم دول العالم في مدفوعاتها، ومنع الحوالات والتحويلات.

وينظر العديد من المراقبين على لن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الامريكية بشكل منفرد بعيداً عن الامم المتحدة على انها عقوبات كانت جميعها خارج نطاق القانون الدولي، ويستدلون على ذلك بالعقوبات التي فرضت على إيران والسودان واعتبروها عقوبات اقتصادية خانقة، وذلك من خلال تحكمها بأدوار مؤثرة في العديد من الأنظمة السياسية التي ترتبط معها بمصالح مشتركة (كالعقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي).

فقد تفشل العقوبات في تحقيق أهدافها إذا كان لديها تأثيرات غير متوقعة، مثل تضرر السكان المدنيين أو تعزيز التوتر السياسي. فعلى سبيل المثال، بعض العقوبات يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتأثير سلبي على حياة الناس دون أن تؤدي إلى تحقيق الأهداف المقصودة ، فان أراد العالم فرض عقوبات اقتصادية على جهة ما او دولة بعينها وتحقيق نتائج ناجحة، فيجب عليه تقييم الوضع بعناية واتخاذ القرارات استنادًا إلى تحليل دقيق للظروف والتوقعات، وان يكون التطبيق شفافاً وبشكل عادل على الجميع ، فلا يمكن ان يكون الكيل بمكيالين كما يجري حالياً ، فالشعوب لم تعد مغيبة ولها القدرة في التقييم والتحليل ولا يستطيع كائنا من كان ان يفرض رؤيته على الشعوب فالمعرفة والمعلومة أصبحت متاحة للكل

Facebook Comments

Comments are closed.