هجوم حزب الله في عرب العرامشة.. اخطر التطورات على جبهة لبنان

للكتب كمال خلف

 أعلنت وسائل الاعلام الإسرائيلية، ارتفاع عدد المصابين جراء قصف حزب الله على بلدة عرب العرامشة داخل فلسطين المحتلة إلى 18 بينهم 4 في حالة خطيرة. لكن لا احد يعلن ما هو  العدد الحقيقي”، هي عملية نوعية بكل الأحوال، وتطور كبير جدا في مسار هجمات حزب الله منذ الثامن من تشرين أكتوبر العام الماضي، سبقه قصف حزب الله لبطاريات القبة الحديدية ومنظومة الدفاع الصاروخي في بيت هلل واصابتها إصابات مباشرة، وهي كذلك عملية لافته وكبيرة.

فالضربة الأخيرة الموجعة لإسرائيل في عرب العرامشة، استهدفت مقرا مستحدثا لسرية الاستطلاع التابعة للواء الغربي للفرقة 146 في الجيش الإسرائيلي شمال فلسطين المحتلة، هي بلا شك انتقام من الهجمات التي شنتها إسرائيل ضد عناصر مقاتلة لحزب الله في الشهابية وعين بعال، وهي كذلك رفع لكفاءة الهجمات، فالمشاهد التي بثتها المقاومة اللبنانية او تلك المتداولة عبر وسائل التواصل للصواريخ والمسيرات التي قصفت الموقع العسكري الإسرائيلي تظهر بشكل جلي ان القبة الحديدية والدفاع الإسرائيلية وقفت عاجزة ولم تتمكن من صد الهجمات، وهذا بالنسبة لإسرائيل كارثة، على اعتبار انهم يقيسون هذا الهجوم، على سيناريوهات الحرب الشاملة اذا ما اندلعت على الجبهة الشمالية. حيث ستتجه الصواريخ الدقيقة نحو المراكز الحيوية داخل إسرائيل.

لكن هناك اهم من كل ذلك أنجزته المقاومة اللبنانية من خلال هذا الهجوم، أي اهم من الانتقام، واهم من خرق الدفاعات الإسرائيلية، واهم من الإصابات الكبيرة التي لحقت بالجنود والضباط والمعدات، واهم من هرع كافة مستوطني الشمال الى الملاجئ. وهذا الأهم يختصر بعبارة “تآكل الردع”. وهذا هو التحول الجاري الان. وهذا اكثر ما بات يثير قلق المستوى السياسي والعسكري في إسرائيل والولايات المتحدة، فمحور المقاومة بكافة اطرافه بات يعمل على تعزيز هذا التآكل من خلال المزيد من الجرأة في العمليات والذهاب نحو ما هو غير مسبوق في استهداف العمق الإسرائيلي. الرد الإيراني المباشر وغير المسبوق قد يكون نقطة البداية، وهجمات حزب الله النوعية والجريئة خلال اليومين الماضيين هو الاستمرار لها.

 وصحيح ان الهجوم الإيراني جاء ردا على استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق، وهجوم حزب الله حسب البيان الصادر عنه جاء ردا على اغتيال مقاومين في اطار معركة طوفان الأقصى، لكن كل ذلك ضمن مسار موحد واستراتيجية واحدة، محور المقاومة وفق قراءة دقيقة لظروف الميدان، وللحالة التي وصلت اليها إسرائيل، بعيدا عن التصريحات الجوفاء التي يطلقها قادتها، حول القدرات والردع والتهديد بالحرب والتدمير، بات على يقين ان الفرصة حانت لتغيير المعادلة، وتحويل الداخل الإسرائيلي لساحة قتال غير امنه وغير محصنة، مع الملاحظة ان تلك الجبهة الداخلية الإسرائيلية لا تحتمل ذلك.

فهذه التحولات تنسحب على جبهة غزة، ونعتقد وفق مراقبة تطورات مسار التفاوض للوصل الى وقف اطلاق نار في غزة وصفقة تبادل للأسرى، ان المقاومة الفلسطينية لم تعد تعول على هذا المسار، وان تعطيل إسرائيل الوصول الى اتفاق، يمكن تحويله الى فرصة، والانتقال الى استراتيجية استنزاف طويل الاجل للجيش الإسرائيلي داخل قطاع غزة، ونعتقد كذلك ان الأيام المقابلة ستكون صادمة لقادة إسرائيل من حيث تصلب وتشدد الوفد الفلسطيني المفاوض. وان المأساة الإنسانية والمجازر والدمار حدث بفعل الاجرام الإسرائيلي، ويمكن تدفيع إسرائيل ثمنا باهظا من خلال ابقائها غارقة في وحول غزة، واستنزاف جيشها من خلال عمليات المقاومة التي لم تتوقف منذ السابع من أكتوبر حتى الان، وجعلها تتوسل الاتفاق، او تهرب دون قيد او شرط كما حدث في أيار 2000 في جنوب لبنان.

 فقد حولت إسرائيل عدم القدرة على شن حرب شاملة ضد حزب الله، الى زيادة وتيرة الاعمال الأمنية والاستخبارية داخل لبنان، والوصول الى مرحلة اغتيال شخصيات تعتقد انها على صلة بالمقاومة في لبنان او فلسطين، ومنها العملية الخطيرة التي نفذها الموساد الإسرائيلي الأسبوع الماضي بقتل “محمد سرور” بعد استدراجه بواسطة عملاء محليين الى بيت مري شرق بيروت بتهمة نقل أموال الى حماس. لكن مع انكشاف زيادة الحضور الاستخباري الإسرائيلي في لبنان، بات الامر اكثر صعوبة على عملاء الموساد، وباتت طرق الاستدراج والاغتيال معقدة، مع التنبه الكامل لوجودهم وتحركاتهم واساليبهم. وبالتالي لا يمكن تعويل تل ابيب على هذا الخيار كتعويض عن العجز العسكري في جبهة القتال.

Facebook Comments

Comments are closed.